المطارد بقلم امل النصر
منه لله اللي شوه سمعتك
اومأ له صالح بابتسامة بزواية فمه
اهو راح عند ربنا ياعم سالم وفي دار الحق دلوك ربنا اولى بيه
حدق به قليلا سالم يزن برأسه كلمات صالح التي اصابت الحقيقة ثم أردف مستسلما
طب مدام كدة بقى اقعد قضي اليوم معانا وخلي المشي يبقى بالليل عشان الليل ستار واهو بالمرة تلحق تسلم على يونس ولا انت مش عايز تسلم عليه
حرام عليك ياعم سالم هو انا لدرجادي غبي يعني عشان مقدرش جدعنة الراجل معايا في اخر ايامي معاكم
لا ياولدي اسم الله عليك
من الغباوة انا بس بنكشك
قالها سالم على ركبته بدعم ولكنه اجفل على دلوف محمد اليهم فجأة هاتفا
يابوي يابوي في ناس ضيوف جاين يشوفوك
ناس مين يامحمد كمان اللي جات وانا اختى هي وولدها توهم مروحين على بلدهم
بتقولي مين ياسمر انت متأكدة من كلامك ده
سألت ندى بجزع شقيقتها لا تصدق ما تفوهت به امامها ردت الأخرى بتأكيد
يابت بقولك هو نفسه الشاب اللي جه عندينا سابق انا شوفته بنفسي وعرفته بس دا جدع بارد قوي مدام رفضناه يبجي بيتنا تاني ليه
يانصبتي ليكون جاي يفضحني ويقول لابويا عليها انا نسيته ازاي بس ده
تمتمت بها محدثة نفسها بصوت خفيض لفت نظر شقيقتها
نفت برأسها ندى فقالت وهي تزدرد ريقها بتوتر
هو ابوكي قاعد معاه فين دلوقت
في المضيفة اللى برة البيت اصل ابوكي مارديش يدخلوا البيت ولا اؤضة الجلوس حتى
كان سالم يستمع اليه صامتا مضيقا عيناه بتفكير لكل كلمة او فعل يصدر منه اثناء حديثه حتى اجفل اليه
ساكت ليه يا عم سالم ماتتكلم وقول حاجة بدل ما انا قاعد كدة وكأني بكلم نفسي
رد سالم بهدوء
يعني عايز اقول ايه بس ياولدي لا حول ولا قوة الا بالله
يعني ايه مش فاهم فسر كلامك معايا ياعم سالم
زفر سالم بداخله قبل ان يميل اليه قائلا
افسر واقول ايه بس ياولدي انا قولتلك من المرة اللي فاتت انا مش هاجوز بتي لحد غريب دا سلو بلدنا واحنا ماشين عليه يعني مش عيبا فيك ولا في اصلك لا سمح الله عشان تيجي تكرلي تاريخ عيلتك والناس الكبيرة فيها
قالها كرم بمحايلة فكان رد سالم
ياولدي هي غنيوة ماانت قولت الكلام ده المرة اللي فاتت واتكلمت على ظروفك المرتاحة وانا برضوا سمعت منك وقولت ايه اللي هايخليني اغير رأيي تاني
اللي يخليك تغير رأيك هو ان بتك عايزاني
قالها بدون تفكير فاحتدت عيناه سالم وقال موجها اليه پغضب
انت واعي للكلام اللي انت بتقوله دا يطير في رقاب
ازدرد ريقه كرم ورد على تخوف
ياعم سالم انا مابطلبش منك حاجة عفشة ولا شينة انا كل اللي طالبه منك هو حلال ربنا من واحدة انا بحبها الحب حلله ربنا يعني ارحم انت بقى وحس بينا انا عايزها وهي عايزاني تقف ليه انت في طريقنا وتحرمنا من بعض
صمت قليلا سالم يحدق به بنظرة مرعبة قبل أن ينهض فجأة قائلا بصوت خفيض ومريب
اسمع ياض انت تلم نفسك من هنا وعلى موقف البلد عدل قبل مااخسر حباية العقل اللي فاضلين جوايا واطلع بندقيتي اخلص عليك واډفنك حي مكانك وملكش عندي ديه
نهض كرم يرد باحتداد متسارع الانفاس
بس انت كدة هاتبقى راجل ظالم بتحرمني من اعز حاجة عندي ومن حلال ربنا انا مش جاي اشحت منك
أومأ له سالم برأسه نحو الباب بأعين مخيفة وهو يجاهد لعدم التهور
كلمة تاني ومش هاسمي عليك على الباب اللي قدامك ده دلوقتي حالا اخلص يااااض
وعند صالح الذي كان مستلقي في فراشه بعد ان فارقه الليلة الفائتة انتفض فجأة على صوت الصړاخ الخارج من قلب البيت اعتدل بجزعه وخرج سريعا على مصدر الصوت ليجد يمنى ووالدتها وسمر ملتفون حول سالم يحاولون للفصل بينن وبين ابنته ندى التي كان بشعرها بقوة وهو يهدر عليها
ردي يابت الكل الواد ده انت اللي باعتاه ولا لأ
ندى وهي تصرخ بين يديه مټألمة
والله مااعرف بجيته يابوي هاتلي مصحف وانا احلف عليه قصادك
صاحت نجية على زوجها
بتقولك انها ماتعرفش سيبها ياسالم البت هاتموت في يدك
مع اصرار سالم تقدم صالح على تردد ليحاول معه هو الاخر
صلي على النبي ياعم سالم ايه لزوم الضړب بس
هتف سالم بقوة مخاطبا ابنته
امال الواد ابن الفرطوس دا جايب الجرئة دي منين يدخل بلد غريبة ويلح في طلب الجواز لا وكمان يقولي بتك عايزاني عرف منين ان انت عايزاه يابت الكل
جحظت عيناها ندى وارتشعت شفتاها وقد اصبح وجهها كتلة حمراء فقالت پبكاء
كداب يابوي والنعمة كداب انا قولتلك انه بعتلي واحدة قريبته تسالني يمكن هي اللي الفت من مخها ولا هو اللي بيتبلى عليا انا ايه ذنبي ياناس
ضغط صالح بقوته حتى فرق الرجل
واحد بارد ورامي دمه علينا ايه ذنب البت عشان تيجي وتنشدلها كدة دي مش عوايدك دي ياابو محمد
تلاحقت انفاس سالم وهو يجاهد لضبط النفس
انا دمي بيغلي والشيطان صورلي مية حاجة قدامي الواد ده كان هايخليني ارتكب چريمة دلوقت اعمل ايه انا بقى لما الاقي واحد يقولي جوزني بتك ياظالم وماتحرمناش من بعض
التفتت الجميع پذعر نحو سالم بعد سماع جملته حتى ندى التي توقف بكاءها فجأة فقالت نجية بازدراء
واسمه ايه الحزين ده اللي بيخربط بالكلام ده
يقطعه ياشيخة ويقطع سيرته
قال اسمه كرم قال
الټفت صالح نحو ندا بعد سماع الاسم ينظر إليها پصدمه وقد تذكر محادثتها أمس مع شخص ما بنفس هذا الاسم
الفصل ٢٥
ډافنة وجهها في جبلبابه بين يديها تتنشق رائحته وكأنها الحياة وهي تبكي بحړقة ألم الفراق متى جاء وكيف تغلغل عشقه بداخل قلبها لاتعلم كيف ستقضي الباقي من عمرها وقلبها معلق بعشق مستحيل لاتعلم كيف لها أن تتزوج من رجل اخر وهناك من امتلك وجدانها بل والنفس الذي تتنفسه لاتعلم نزعت الجلباب عن وجهها بصعوبه بعد أن اغرقته بدموعها لتطويها داخل الحقيبة الجلدية الصغيرة ومعها بعض الاشياء الخاصة به كالمحفظة وبطاقة الهوية التي اظهرت صورته بها كم كان جميلا ووسيما قبل سجنه وظلمه وضعت معه ادويته وبعض الأشياء الضرورية التي قد تلزمه في منفاه طريدا في الجبل
بت يا يمنى خلصتي ترتيب الشنطة
قالت نجية بعد أن دلفت فجأة لداخل الغرفة دون استئذان مسحت يمنى بكفها على وجهها لتمحو اثار الدموع العالقة ولكن قد فات الاوان
كنت بتقولي حاجة ياما
قالت يمنى وهي تلتفت لوالدتها التي تسمرت محلها بعد رؤية ابنتها ردت نجية وهي تناولها حقيبة بلاستيكية كبيرة
كنت جاية اسألك خلصتي ترتيب الشنطة ولا لسة عشان اديكي الكيس دا تحطيه جمب حاجة صالح
قالت يمنى تداري ارتباكها
في ايه اللي حطاه الكيس ده ياما
الكيس ده في وكل ونواشف يقضي بيها ايامه على ما ربنا ياخد بيده ويشفى عنه هناك
قالت نجية فردت يمنى بابتسامة شاحبة
كويس ياما كويس قوي دا هايدعيلك اكيد
قالت نجية بمغزى
انا مش عايزاه هو يدعيلي انا كفاية عليا انت بس تفوقي لنفسك وتطلعي من الأوهام اللي انت عايشة فيها
حدقت في والدتها پصدمة فتابعت نجية
كان قلبي حاسس من الأول بس كنت بكدب نفسي اصحي يايمنى وقومي اغسلي وشك وتعالي برة اقعدي معانا زيك زي بقية اخواتك صالح حبناه ولا كرهناه برضك في الاخير ماينفعكيش وانت عارفة من غير ماقولك صح ولا لاه يابت بطني
اومأت برأسها لها يمنى بأعين دامعة تظهر حجم الالم بصاحبها
صح صح قوي ياما
بوسط الردهة الفسيحة للمنزل كان جالسا بينهم على كنبة خشبيه بجوار سالم ومحمد والبنات سمر وندى في الجهة الأخرى ومعهم والدتهم التي انضمت اليهم اخيرا بعد ان فرغت من مجموعة الاطعمة التي احضرتها لصالح يتعرف ويتسامر معهم بعد ان قضى معظم اليوم بينهم وتناول وجبتي الغذاء والعشاء معهم وكأنه احد أفراد الأسرة
يعني انت على كدة في
ثانوي عام بقى ياسمر طب حلمك تطلعي ايه
ردت سمر بتفاخر على سؤاله
ناوية بآذن الله ادخل هندسة عشان انا شاطرة في الرياضيات وبجيب فيها النهائيات
ايوة ياختي شاطرة بس هلكاني في الدروس
قال سالم بتدخل في الحديث معهم زامت سمر بتأفف
ماهي الدروس لازم يابوي ولا انت فاكرني يعني هاجيب النهائي كدة لوحدي من غير مساعدة ماينفعش طبعا
ابتسم صالح وهو يرى رد فعل سالم الذي التوى ثغره بامتعاض قبل ان يردف
والنبي انتوا ولا حاجة نافعة معاكم لا اللي داخلة ثانوي رحماني ولا اللي داخلة فني برضك رحماني كلكلم ناحلين وبري وبس
قلبت ندى عيناها دون رد على كلمات ابيها ولكنها تفاجأت بنظرة غريبة من صالح نحوها قبل ان يتجه نحو محمد يسأله متصنع الجدية
وانت ياأستاذ محمد مش ناوي تقولنا بقى انت نفسك تطلع ايه عشان ناخد فكرة يعني
هادخل الزراعة عشان ابقى مزارع
هي الساعة كام دلوقت
اجابه سالم وهو ينظر بساعة يده
الساعة داخلة على تسعة ونص يعني اصبر شوية على ما الحركة تهدى في الشارع عشان ماحدش يشوفك وانت طالع
خلاص طب انا عايز ادخل استنى في الجنينة ينفع
قال صالح وهو ينظر بيأس لباب غرفتها التي اندست فيها ولم تخرج منها منذ ساعات
رد سالم وهو ينهض معه
ادخل ياولدي البيت بيتك بس بقى انا هاطلع برا البيت عشان اراقب حركة الناس في الشارع وبالمرة استنى يونس اللي اتأخر قوي النهاردة مش عارف ليه لا وكمان مابيرودش على تلفونه
ردد من خلفه صالح
خير ان شاء الله
ياعم سالم ماتقلقش
بعد قليل
كان واقفا بالحديقة الخلفية للمنزل اسفل شجرة الجميز ينظر للخضرة في الظلمة القاتمة ويستمع لصوت الليل بها بعد أن فقد الأمل بتوديعها وقد ساعة رحيله وهو مازال ينتظر ظهروها قبل ان يدلف اباها ويخرج معه فجأة شعر بوجودها خلفه تقافزت دقات قلبه داخل صدره مع شعوره بكل خطوة