الأربعاء 18 ديسمبر 2024

بقلم ندى محمود

انت في الصفحة 86 من 175 صفحات

موقع أيام نيوز


نفسه لينظر لها فاشاحت بوجهها للجانب الآخر تتابع الطريق من النافذة فهي لم تستاء من رفضه للذهاب بل استاءت من طريقته وعنده الذي باتت لا تعرف إلى متى سيستمر وقد رغبت بالذهاب فقط من أجل أن تحظى بمزيد من الوقت معه وتحاول من خلاله إذابة بعض الثلج المتراكم على قلبه .
لاحظ هو ضيقها وحزنها من رفضه فتنفس الصعداء بعدم حيلة ولم يرد أن يكسر برغبتها ونفسها وكان رد فعله الطبيعي هو أنه قال 

_ عايزة تروحي فين 
تهللت أساريرها في لمح البصر وزين وجهها بابتسامة جذابة لتجيبه بحماس جلى 
_ أي مكان .. ودينا مكان على زوقك إنت !
رمقها بنظرة مطولة صامتا ثم أشاح بنظره وعاد ليثبته على الطريق وهو يتخذ بالسيارة طريق لمكان سيقضوا فيه وجبة الغذاء أو بالأحرى باقية اليوم ! .
فتحت باب السيارة ونزلت وعيناها معلقة على ذلك المنزل الذي أشبه بقصر قي ضخامته واتساعه ولكنه منزل ذو طراز قديم ويبدو إن الزمن قد ترك آثاره عليه حيث لونه بهت ومن ينظر له من الخارج يظنه مسكون بالأشباح .. وبينما هي تتأمل جماله الكلاسيكي رأته يتجه ناحية الباب فلحقت به مسرعة وفتح هو الباب بالمفتاح ثم دخل أولا ومن بعده هي كان المنزل من الداخل أكثر فخامة وجمالا حوائطه سليمة تماما من أي خدش ويوجد نجفة في الأعلى ضخمة ولكنها نظيفة كأنها تنظف كل يوم ! والأثاث مغطى بقماش أبيض اللون فاتجهت نحوه ورفعت القماش لتنكشف أمامها تحفة الأثاث الذي لا يبدو أبدا أنه صناعة مصرية فسمعت صوته وهو يهتف بهدوء 
_ ده قصر عيلة العمايري .. البيت ده احنا عشنا فيه طفولتنا كلها ولما نقلنا لبيتنا اللي عايشين فيه دلوقتي أنا كان عندي عشرين سنة كنا عايشين مع جدي الله يرحمه وجدتي اللي هي مسافرة دلوقتي في المانيا كنا كلنا في دلع وعيشة ملوكي اللي بنطلبه بيجيلنا في لحظتها من غير تعب وكان جدي مبيرفضش طلب لحد فينا سواء احنا أو ولاد عمي طاهر اللي هما علاء ويسر والدلع ده تسبب في مشاكل كتير علينا وظهرت أثاره عليا وعلى حسن بس تقدري تقولي إن أنا ربنا هداني وحسن فضل طايش زي ماهو وبابا بعد ماحس إن مينفعش يعيش هنا ولازم يستقر لوحده هو وأولاده في بيت عشان يقدر يتحكم فيهم بعد ما شاف اللي حصلي وبقى شبه فاقد السيطرة على حسن رغم إنه أصغر مني بأربع سنين اخدنا واشترى بيت لينا وعشنا وحدنا والكلام ده طبعا بعد ما جدى اتوفى وجدتي اضايقت جدا إن ازاي محمد يسيب بيت ابوه وبيتهمهم إنهم السبب في اللي حصل ليا لأنها بتحبني جدا وبتعزني أوي ولما عرض عليها بابا وحاول يقنعها إنها تاجي تعيش معانا رفضت وقالت إنها هترجع المانيا تعيش مع عمي اللي هو اتوفى بعد جدى بسنتين وكان معاه بنت عندها 18 سنة بتدرس هناك فجدتي فضلت معاها لغاية ما كملت تعليمها وبعدها اشتغلت ولغاية الآن جدتي عندها ومش بتاجلينا هي وبنت عمي دي غير زيارات صغيرة وبيمشوا تاني
اقتربت منه ووقفت أمامه وركزت نظرها عليه هاتفة بترقب لإجابته بريبة شديد 
_ ربنا هداك !!! .. وبعد اللي حصلك !! ممكن أعرف إيه اللي حصل معاك !
أجابها بخشونة وهو يتجه ناحية الدرج 
_ الأفضل إنك متسأليش لإن الإجابة مش هتعجبك وبعدين أنا جايبك هنا عشان افرجك على البيت واهو نتغدى في مكان مختلف زي ما كنتي حابة مش نحكي في القديم
لم تعلق كثيرا وقررت أنها ستحاول أن تعرف فيما بعد ما يخفيه عنها واتبعته شبه راكضة حيث وجدته صعد لآخر الدرج ثم اتجه نحو الغرف وفتح واحدة واحدة يريها إياهم وأحدهم كانت لكرم والأخرى لحسن وهذه لأبوه وأمه وتلك الغرفة تخص جدي وجدتي حتى وصل أخيرا عند غرفته وفتح الباب فتسبقه هي بالدخول وتتطلع في أجزاء الغرفة التي كانت عبارة عن فراش عريض يتسع لثلاث أشخاص وخزانة متوسطة من اللون الأبيض مثل لون الحوائط وحمام داخلي لونه بنى اللون مع لمعة مذهلة أما هو فقد استدعت ذاكرته كل ما مر به داخل هذه الغرفة التي شهدت على حپسه بين حوائطها الأربعة لشهور دون أن يدخل له سوى أبيه وأمه
وكرم بقى لشهورا حبيسا غرفته لا يري الشارع عندما اكتشف أمره وأنه
كان يتعاطى مواد مخدرة فحاول أبويه أن يردعاه ويعالجاه عن طريق منعه من الخروج حتى لا يلتقى بأصدقاء السوء الذين افسدوه ولكن الأمر لم يجدي نفعا حيث كانت حالته تسوء كلما يمر عليه الوقت وكان يخرج ليلا متسللا من الشرفة دون أن يشعر به أحد ويعود قبل استيقاظهم حتى جاء اليوم المشؤوم الذي فقد فيه صديقه بسببه هو .. فقرر أن يضع الحد لما هو فيه وطلب من أبيه أن يدخله مصحة ليعالج كما يجب أن
 

85  86  87 

انت في الصفحة 86 من 175 صفحات