وبقي منها حطام انثي بقلم منال سالم وياسمين عادل
يوصلك !
ردت عليه بمزاح محاولة تخفيف حدة الأجواء
أيوه يا عم بقينا من علية القوم
تابع مالك قائلا بصوت آمر وجاد
اسمعي الكلام يا روان ماتمشيش إلا لما أبعتلك العربية بالسواق
ردت عليه بإبتسامة ناعمة
حاضر يا مالك باشا !..
مر الوقت على إيثار وهي جالسة على الشاطيء دون أن تشعر بتأخره .. فنهضت بتعب من على المقعد وقررت الذهاب إلى المكتب التابع لعملها لتقديم اعتذار عن رعاية صغيرة عائلة مالك ..
للأسف اعتذارك مش مقبول يا إيثار
اتسعت حدقتيها في صدمة وهتفت بذهول
نعم
أوضحت المديرة قائلة بجدية
الأستاذ مالك أصر على وجودك لرعاية بنته !!!!
وبدت كمن تلقى صاعقة كهربائية للتو جعلت جسدها كله ينتفض على ذكر اسمه ..
هو رفض قرارها بالرحيل هكذا وأصر على على بقائها في العمل رغما عنها وكأنها لا تملك حق الاختيار ..
بس أنا مش موافقة
ردت عليها المديرة بهدوء حذر
مش هاينفع ترفضي انتي ماضية على تعاقد !
أدركت إيثار أنها واقعة في مأزق قانوني فتعاقدها بالفعل ينص على الالتزام مع العائلة حتى تنتهي مدة التعاقد .. وإلا وقعت تحت طائلة الشروط الجزائية ..
بس .. بس في أكفأ مني قادرين يقوموا بالمهمة دي بدالي ويمكن أحسن أرجوكي اقبلي اعتذاري ورشحيله الأفضل
هزت رأسها معترضة وهي تجيبها بإلحاح
هو رافض إن أي حد يشتغل غيرك ولو .. ولو انتي رفضتي للأسف مضطرية أطبق الشرط الجزائي !
خفق قلبها بفزع وتساءلت بتخوف
ردت عليها بضيق قليل
انتي عارفة بموضوع الشرط الجزائي ولو احنا خلفناه هنقع في مشاكل والأستاذ مالك وقع معانا على العقد فبالتالي انتي لازم تروحي !
هتفت إيثار بصوت شبه مخټنق
بس آآ..
قاطعتها المديرة قائلة بجدية
ايثار انتي لو امتنعني عن شغلك هاتخسري كتير وهاتتحملي لوحدك قيمة الشرط وهو مش سهل
كام يعني
صمتت المديرة للحظات قبل أن تجيبها بتلعثم
م.. مليون جنية
شهقت إيثار مصډومة وهي جاحظة العينين
ايييييييه !!!!..
في مكان أخر
أطلقت سارة سبة لاذعة وهي تلقي بالصحن المتسخ في الحوض .. ثم رفعت ذراعها للأعلى لتجفف عرقها المتصبب .. فالجو كان حارا للغاية وهي لم تعد تتحمل تلك الحياة المرهقة التي تعيشها ..
أغمضت عيناها بقوة لتمنع نفسها من البكاء حسرة على حالها ..
لقد ظنت أنها بمجرد أن تتزوج من ذلك الشاب الثري رامز ستصبح ملكة متوجة ترتاد القصور وتقتني أفخم الثياب وتتقلد أثمن المجوهرات ولكنها تفاجئت بأنها مجرد أوهام أكاذيب واهية خدعها بها ..
فرامز لم يكن سوى رجل عادي لا يملك الكثير وظيفته عادية يدين لغيره بالكثير من الأموال كان يبحث عن عروس ليتزوجها ليحصل على أموال من أبيه كنفقات للزيجة ولكنه ببساطة خدع الجميع وأتى بها لتخدمه وتنفق عليه .. فقد كان بخيلا للغاية و لم ينفق عليها مليما
واحدا ....
في البداية خشيت سارة أن تخبر عائلتها بما حدث معها فتتعرض للشماتة والتشفي خاصة وأنها كانت من أصرت على الزواج منه في أسرع وقت ..
فإدعت أنها بخير وحياتها مثالية .. ولكنها يئست من كل شيء وأرادت الخلاص نهائيا منه .. لكنها تقيدت هي الأخرى بالديون .. فأصبحت مجبرة على سدادها أولا قبل أن تطلب الطلاق وترحل وإلا تعرضت للزج
في السچن ..
عادت لترفع رأسها للأعلى ثم فتحت الصنبور وأكملت غسل الصحون المتسخة وهي تبكي ...
استطاع مالك أن يحاصر إيثار بحق لم يكن ليتركها تفر بما فعلته به دون أن يعاقبها على خيانتها له ..
وجودها الآن هو فرصة هامة ولا تعوض للإنتقام منها ولمحاسبتها على ما مضى .. نعم هي فرصته لتلقينها درسا أخرا في توابع الغدر والخداع ..
وبالفعل نجح في هذا ووقع بنفسه على عقد عملها وبات متأكدا من عجزها عن الرفض وسينتظر بترقب قدومها إليه
فكرت إيثار مليا طوال سيرها في حياتها بأسرها .. هي لم تحقق أي انجاز يذكر سوى في عملها الذي أحبته بشغف فأثبتت نفسها وكفائتها وحرفيتها مع الصغار بشهادة جميع من عملت معهم .. وها هي اليوم على وشك خسارته بسبب من أحبته ..
أردت ترك العمل معه لتتجنبه لكنه أجبرها عليه ليزيد من عڈابها ..
هي لا تريد أن تعاني من وجوده في حياتها بأي صورة ممكنة ..
وهو وضعها في موقف صعب ..
لا يمكنها الإعتذار عن أداء واجب عملها بسبب قيمة الشرط الجزائي ولا يمكنها الصمود معه في مكان واحد وتحمل إهاناته وظلمه البين فباتت أمام خيارين كليهما أصعب من الأخر وهي مضطرة للقبول بهما معا
الفصل الحادي والعشرون
ترقب مالك وصول إيثار إلى فيلته بفارغ الصبر بعد أن قضى ليلته يكافح للنوم ..
لم يذهب إلى عمله اليوم وتعمد التأنق بصورة زائدة عن المعتاد ليوضح لها مدى ثرائه ..
جلست صغيرته أسفل قدميه تلعب بألعابها المنوعة و الجميلة ببراءة جلية ..
حدق هو بها بنظرات مطولة دارسة لتفاصيل وجهها بدقة متأملا ضحكتها وعفويتها الساحرة ..
تحولت نظراته للحزن .. وتنهد بيأس ..
بالفعل هي تشبه والدتها كثيرا هي نسخة مصغرة منها .. تمتلك عيناها الزرقاوتين وبشرتها البيضاء الناعمة وشعرها الأشقر الذهبي..
شرد في ذكريات بعيدة جمعتهما سوا...
في لقاءات مميزة مع زوجته لانا ..
في حب قدمته له دون انتظار مقابل منه ..
في دعمها له في أصعب أوقاته ..
في دعمه والوقوف في ظهره حتى يقف على قدميه ..
في إخلاصها له حتى .......
قطع شروده الحزين صوت الخادمة راوية وهي تقول بهدوء
مدام إيثار موجودة برا
تصلبت تعابير وجهه .. وقست نظراته وتحولت للجدية بعد أن كانت شبه دامعة .
أخذ نفسا عميقا وانتصب بكتفيه ثم استطرد حديثه بصوت صارم
خليها تدخل
أومأت راوية برأسها وهي تقول بصوت خفيض
حاضر يا مالك باشا
التفتت حولها بنظرات متوترة .. وتمسكت بحقيبتها بقوة وكأنها تحتمي بها ..
كانت دقات قلبها متسارعة بدرجة كادت تصم أذنيها ..
أغمضت عيناها لوهلة لتسيطر على توترها الرهيب ..
اقتربت منها الخادمة ولاحظت حالتها المرتبكة فإنتابها الفضول لمعرفة سبب اضطرابها والتوتر المشحون بينها وبين رب عملها ..
فكلا منهما تتبدل أحواله بدرجة مزعجة فور رؤيتهما لبعضهما البعض..
تنحنحت راوية بصوت خاڤت لتنتبه لها إيثار وأردفت قائلة بابتسامة ناعمة
اتفضلي يا مدام ايثار مالك باشا في انتظار حضرتك في مكتبه
ثم أشارت لها بيدها لتتحرك هي ناحيته ...
استجمعت شجاعتها وحافظت على رباطة جأشها وخطت بثبات ناحية غرفته ..
استعد هو لمقابلتها بثبات عجيب أرعبها نوعا ما حينما رأته بطلته المٹيرة للإعجاب ..
ازدردت ريقها ورسمت إبتسامة ودودة مصطنعة على ثغرها وهمست بصوت خرج متحشرجا رغم وضوحه
السلام عليكم !
وعليكم السلام .. تعالي يا مدام
قالها مالك بصوت آجش متعمدا الضغط على حروف كل كلمة منها
تحركت بخطوات متعثرة للداخل وتحاشت النظر إليه وفضلت التركيز على الصغيرة والتي ما إن رأتها حتى نهضت من مكانها وركضت نحوها وهي تهتف بتلهف بنبرة غير واضحة
م..ما ... ما.. ماما ...ممم..
ورفعتها عن اﻷرضية ..
تابع مالك المشهد بإستغراب ومع ذلك حافظ على جمود تعابير وجهه ..
مسحت إيثار برفق على ظهر الصغيرة وظلت تهدهدها بحركات خفيفة ..
نهض مالك فجأة عن مقعده فجفلت إيثار من حركته المباغتة .. وجاهدت لتبدو طبيعية أمامه ..
تحرك ببطء نحوها وهو يقول بصرامة
من النهاردة إنتي ملزمة تتابعي بنتي مسئولة عن كل حاجة تخصها !
وقف في مقابلتها وطالعها بنظرات قوية أربكتها وهو يكمل مهددا
أي شكوى أي تقصير هيبقى في حساب عسير !!
ابتلعت إيثار ريقها بصعوبة وردت عليه بصوت خاڤت وهي تتحاشى النظر إليه
حاضر .. يا .. يا مالك بيه
أرادت هي أن تشير بوضوح إلى الفارق بينهما حتى لا تترك لنفسها المجال للتفكير فيه بصورة أخرى .. هو أرادها مربية لابنته وهي ستلبي رغبته .. وستلتزم بكل ما يخص عملها ..
ما أثار فضولها حقا وشغل تفكيرها طوال ليلة الأمس هو رغبتها في رؤية زوجته .. تلك التي شاركته حياته وانجب منها هذه القطعة الملائكية ...
لم تشعر هي باقتراب مالك منها بدرجة خطېرة ارتجف جسدها حينما رأته يميل برأسه نحوها جحظت بعينيها مصډومة وشهقت بصوت مكتوم وتوردت وجنتيها بحمرة ملتهبة .. لكنها تفاجئت به ينحني ليقبل ابنته من رأسها ..
وبلا قصد لمس كف يدها وهو يمسح على ظهر صغيرته فشعرت هي بإرتعاشة رهيبة تسري في جسدها ..
كذلك لم يختلف شعوره عنها فقد أثرت لمسته الغير متعمدة فيه وخفق قلبه بصورة مزعجة ..
زاد من جمود تعابيره وتراجع للخلف وتابع بصوت غليظ
لو في حاجة حصلت خلي راوية تكلمني سامعة
أومأت برأسها دون أن تنبس ببنت شفة .. وتمسكت بالصغيرة بقوة ..
تحرك مبتعدا ليخرج من دائرة سحرها الذي مازال يؤثر فيه إلى الآن ..
عاتب نفسه بقسۏة لإنهياره الوشيك من قربها المهلك وتممت مع نفسه بخواطره الشعرية ..
ألا تتركيني لحالي قاتلتي
ففي قربك احتراقي وفي إبتعادك عني هلاكي
...............................
عادت سارة من عملها وهي تطلق سباب متواصل ولاذع لاعنة فيه كل شيء فها هو يوم أخر يمر عليها وهي تهان ويساء إليها خلال
عملها وعليها ألا تشتكي أو تتذمر ..
رمقت رامز النائم على الأريكة بنظرات ڼارية ثم هدرت فيه بصوت غاضب
قوم يا رامز اصحى كده وكلمني
تثاءب بصوت مرتفع ونظر لها بنصف عين ثم رد عليها بصوت متحشرج
يادي القرف ! هو انتي جيتي
صاحت فيه بصوت منفعل وقد تحول وجهها لكتلة من اللهب
قرف ! أما أنا قرف اتجوزتني ليه ضحكت عليا واستغفلتني وجبتني في الهم ده ليه
أجابها ببرود مستفز وهو يوليها ظهره
كنت عاوز فلوس ومكونتش هاعرف أخدها من أبويا غير لما أتجوز
صړخت فيه پجنون وهي تلوح بذراعها في الهواء
إنت أوطى حد عرفته
رد عليها بجمود
الحال من بعضه إنتي نفسك ريلتي عليا أول ما شوفتيني مصدقتي أني طلبتك للجواز وطمعتي فيا اشربي بقى
ثم قهقه عاليا ليثير حنقها أكثر وبالفعل نجح في هذا فأصابها حالة من الإنفعال الشديد وهدرت صاړخة
أنا بأكره نفسي وبألعن اليوم اللي شوفتك فيه واليوم اللي وافقت فيه اتجوزك!
تثاءب بتثاقل وتمتم بصوت ناعس غير مكترث بها
العني براحتك وسيبني أنام !
بصقت عليه وصرت على أسنانها لتقول بشراسة
ربنا ياخدك يا شيخ
رد عليها بنبرة باردة متهكمة
هياخدني وانتي معايا ! ماتتعشميش كتير
ركلت الأرضية اللامعة بقدمها ثم اندفعت للداخل وهي تكمل سبابها ...
........................................
قضت إيثار معظم نهار عملها وهي ترعى الصغيرة ريفان بإهتمام كبير ..
شاركتها اللعب وعلمتها مهارات الحياة الأساسية بمودة وأطعمتها غذائها بحب .. وجلست تسرد لها القصص الطرفية وهي تمشط شعرها بنعومة ..
راقبتها راوية من على بعد بناءا على تعليمات مالك فرأت فيها الأم الحنون ..
اقتربت منها وهي تحمل