الجمعة 29 نوفمبر 2024

رواية بقلم دعاء عبدالرحمن

انت في الصفحة 33 من 61 صفحات

موقع أيام نيوز


حلها وحرمتها مهما كانت باهظة الثمن وعادت دنيا تقبع خلف مكتبها تقلب أوراقها بملل غير راضية عن وضعها القديم فقد كانت تتصور أن شأنها سيرتفع لمجرد أنها زوجته وأنه سيعطيها مكتب مخصص لها ولكنها تركها كما هى حتى عندما ڠضبت وطلبت منه ذلك رد ببرود
لو هارقى حد هيبقى على حسب كفائته مش على حسب هو يقربلى ايه
وقد كانت الضړبة الموجعة لها والقاسمة لغرورها وكبريائها أنه أعطى نورا صلاحية مدير المكتب وخصص لها مكتبه سابقا بل وخفف عنها عبء عمل النهار وأصبحت تعمل مساءا كمديرة للمكتب فقط مما جعل دنيا تستشيط ڠضبا وحنقا وتستعر الڼار بداخلها خرجت من المكتب دون أستئذان وتوجهت لوالدتها لتحكى لها مأساتها معه والظلم الذى تلاقيه فى عملها فاجابتها والدتها بهدوء

فى حاجة مش طبيعية بينك وبينه ومحدش فيكوا عاوز يقول عليها
جلست دنيا تقلم أظافرها وهى ترفع كتفيها وتقول بخبث 
بصراحة يا ماما فيه بس يعنى ضميرى مش سامحلى انى افضح جوزى
نظرت لها والدتها مستفهمة وقد عقدت حاجبيها قائلة
يعنى أيه يابنتى مش عاوزه تفضحيه هو فى ايه بالظبط
رفعت رأسها إلى والدتها وتصنعت الخجل وهى تقول 
أصله بصراحة يعنى مش قد كده معايا يمكن بقى علشان كده علطول مضايق وبيعاملنى وحش زى ما اكون أنا المسؤلة عن حالته دي
زاد أنعقاد حاجبى والدتها وهى تنظر إليها قائلة
طب ليه ما يروحش لدكتور بدل ما العلاقة بينكوا متوترة كده
زفرت دنيا متبرمة وهى تقول بملل
يووه حاولت كتير معاه وكل مره بيزعل ويعمل خناقة خلاص بقى قسمتى ونصيبى انا راضية
غريبة أوى الحكاية دى
عادت دنيا لتقليم أظافرها ثانية وهى تقول بأسى 
شايفة يا ماما انا مستحملة أيه وكمان قاعدة مع امه فى مكان واحد ومعاملتها بقت حاجة صعبة أوى
مالت أمها للأمام بابتسامة متهكمة وقالت 
أهى دى بقى لو حلفتيلى عليها عمرك كله مش هصدقك ده انا شفت بعينى محدش قالى
نظرت دنيا إليها وقالت بحزن
كده يا ماما بقى انت برضة تخيل عليكى حركات الست دى دى بتعمل كده قدامك بس
ضحكت أمها بسخرية وقالت 
روحى شوفيلك كدبة تانية بس تكون محبوكة شوية عن دى
هبت دنيا واقفة وهى تقول بانفعال 
كده يا ماما ماشى أنا هدخل انام شوية
أنت مش هتروحى
لاء لازم يعرف انه غلط
دخلت غرفتها وتنفست بقوة وهى تزفر بضيق متسائلة بداخلها لماذا دائما يكذبها الجميع حتى والدتها لا تصدقها فى شىء ألهذه الدرجة هى مكروهة منهم هوت إلى فراشها بقوة وڠضب وهى تلوم نفسها على سذاجتها التى أودت بها تذكرت يوم ۏفاة أبيها واليوم الذى توعدتها أمها أنها ستجعل عمتها تأخذها معها إلى الصعيد لتعيش هناك بقية عمرها وتذكرت يوم أن قررت مصيرها وحددت معاد عقد قرانها على فارس دون الرجوع إليها عادت لتذكر الشعور الذى مر بها والڠضب الذى تملكها حينها وهى ترى حياتها تسير فى الاتجاه الخاطىء وسينتهى بها الأمر فى حارة مع حماتها فى شقة واحدة أستعادت ذاكرتها هذا اليوم المشؤم الذى بحثت فيه عن الدواء المنوم خاصتها ووضعت منه لوالدتها فى مشروبها والذى جعلها تنام نوما عميقا مما أتاح الفرصة لها أن تخرج وأول ماتوجهت كان لمكتب باسم الذى رحب بها وأغلق الباب قائلا
ولا يهمك محدش يقدر يجوزك ڠصب عنك
كل ده بسببك انت ماما عملت كده علشان سمعتك وانت بتكلمنى فى التليفون بالليل فى الليلة اللى بابا ماټ فيها أسمع بقى انا
مش هغرق لوحدى لازم تطلعنى من الحكاية دى فورا
يعنى عاوزانى اعمل ايه
أنت مش قلت هتجوزى وتخلينى شريكتك فى المكتب يبقى تيجى بكره وتطلب أيدى رسمى
أيه ده يعنى بتفضلينى على حبيب القلب ولا أيه
مش فاهم
حبيب قلب أيه دلوقتى يعنى أرمى نفسى بأيدى فى الحارة مع أمه علشان بحبه لاء طبعا
أومال انت خرجتى ازاى دلوقتى مش بتقولى امك حاسباكى
حطيت منوم لماما هينيمها طول الليل وقلت اجيلك وارجع البيت من غير ما تحس انى خرجت وطبعا انت هتتقدم بكره رسمى ومش هتسيبنى فى اللى انا فيه ده لوحدى مش كده يا باسم مش كنت بتقول انك بتحبنى وانك مستعد تعمل أى حاجة علشانى
أغمضت عينيها وهى تتذكر نظرة عينيه فى تلك اللحظة وكيف عادت لبيتها وهى تجر أذيال الخيبة مترنحة لا تصدق ما فعله بها وافتراسه لها بعد أن وثقت به وعاد صوته يتردد داخلها مرة أخرى وهو يقول بمنتهى الوقاحة 
أعرف دكتور كويس هيرجعك زى ما كنت وأحسن كمان
شعرت بغصة فى حلقها عندما وصلت لهذه النقطة من ذكرياتها المقززة و أخذت تفكر فى طريقة تعيد بها مكانتها مرة أخرى فكان لابد أن تبدأ بفارس أولا لابد أن تستعيد مكانتها فى قلبه بأى شكل من الأشكال وبشتى الطرق 
كفاية يا مهرة قلبى وجعنى من الضحك يابنتى
قالت عبير وهى تجرى خلف أحدهم بطبق الطعام
سيبيها يا ماما دول كده بياكلوا وجبتهم كلها
كفايه مش قادره قطعتوا نفسى يا ولاد الدكتور
ضحكت عبير وهى تقول بمرح
أنت خلاص يا مهرة بقى عندك خبرة ينفع نجوزك من بكره
نهضت أم بلال وهى تقول 
أنا هدخل اريح شوية دماغى وجعنى من كتر الضحك
نهضت مهرة وأخذت طفلين على قدماها تداعبهم وشرعت عبير فى إطعام الاثنين الآخرين وهى تنظر إلى مهرة نظرات متفحصة ثم قالت 
مهرة أنت فى حاجة مضايقاكى
ألتفتت إليها مهرة بحيرة وقالت بتردد 
ليه بتقولى كده
ركزت عبير على عينيها وقالت بثقة
علشان عارفاكى كويس لما بتبقى مضايقة ومهمومة بتقعدى تجرى وتلعبى وتضحكى أكتر من الطبيعى بتاعك
حاولت مهرة تغير مجرى الحديث وهى تقول 
أحنا مش هنروح ل عزة ولا ايه يالا بقى قومى ألبسى
نهضت عبير وهى ترمقها بنظراتها وقالت 
ماشى يا مهرة بس خليكى فكرة أنى أختك الكبيرة لو أحتاجتى تتكلمى انا موجوده
قالت عبير كلمتها الاخيرة وتوجهت لغرفتها مصطحبة أطفالها لتبدل لهم ملابسهم بينما كانت عينان مهرة تتابعها فى شرود وقد عاد الأسى يسكن قسمات هذا الوجه اليافع مرة أخرى وهى تتذكرنتيجة
التنسيق التى كانت تتمناه وتحلم بها سابقا والتى وضعتها أول غباتها
وهى تملأ استمارة الرغبات متنازلة عن مجموع درجاتها الذى يؤهلها لكلية أخرى ورغم ذلك اختارت أن تدرس نفس ما كان يدرسه أختارت كلية الحقوق !
سمع صلاح طرقات منغمة على باب غرفته فالټفت إلى الباب وقال بمرح 
أدخل يا عريس
أطل عمرو برأسه من فتحة الباب بابتسامته المرحة ودخل إليه يعانقه قائلا
وحشنى والله يا أستاذ صلاح
نظر إليه صلاح متأملا وهو يقول 
وانت والله يا عمرو بس أيه الحلاوة دى هو الجواز عامل عمايله معاك ولا ايه
رفع عمرو يديه يستعرض عضلاته وقال بغرور مصطنع 
لا ولسه مشفتش المجانص كمان
لم يضحك صلاح فنظر إليه عمرو فوجده ينظر خلفه ووجهه قد عاد إليه جموده فالټفت عمرو خلفه فوجد إلهام واقفة عند الباب وتنظر إليه بنظرات إعجاب جريئة تكاد تلتهمه بعينيها وقالت برقة 
حمد لله على السلامة يا بشمهندس تعال المكتب شوية لو سمحت ضرورى
وخرجت متوجهة لمكتبها فوضع صلاح يديه على كتف عمرو وقال 
ربنا يخليلك مراتك يابنى
نظر له عمرو نظر مبهمة واتجه إلى مكتب إلهام طرق الباب ودخل فقالت 
أقفل الباب يا بشمهندس
أغلق عمرو الباب ووقف مكانه قائلا 
خير يا بشمهندسة
أشارت له بالجلوس أمامها فاقترب قائلا
أنا أصلى لسه هستلم الشغل
قالت ببطء وهى تتفحصه 
مش هعطلك كتير اتفضل
جلس عمرو على المقعد أمام المكتب متحاشيا النظر إليها مالت للأمام واسندت ذقنها إلى راحتها وهى تنظر إليه مبتسمة وقالت 
تعرف أنك احلويت فعلا بعد الجواز
نهض عمرو على الفور وقال بضيق
معلش انا لازم امشى عندى شغل كتير
نهضت من مقعدها ودارت حول مكتبها ووقفت أمامه مدت يدها إليه ولمست بأناملها أزرار قميصه وقالت هامسة
أنت ليه مش حاسس بيه يا عمرو
نظر ليدها وابتعد خطوة للخلف ونظر فى الاتجاه الآخر وهو يقول بجدية
يا بشمهندسة اللى بيحصل ده مينفعش خالص
أقتربت هى الخطوة التى ابتعدها ونظرت إليه برجاء وقالت بضعف
مينفعش أيه مينفعش أحبك
نظر إليها بدهشة وقال 
يا مدام إلهام انا راجل متجوز وبحب مراتى وحضرتك كمان متجوزة و 
قاطعته على الفور وهى تتلمس قميصه مرة أخرى وقالت بعينين ملتهبتين 
وبحبك انت 
أشاح بوجهه وهو يبتعد عن
يدها فقالت تستعطفه
يا عمرو انا بحبك ومش عاوزه منك أى حاجة أنت ليه مش قادر تحس بالى جوايا
شعر بالحرج والأضطراب وحاول أن ينتقى عبارات غير جارحة وهو يسمع نبرتها الواهنة التى ترجوه بها ألتفت
إليها قائلا بهدوء
يا بشمهندسة أحنا كلنا هنا بنحترمك وبنقدرك لكن غير كده مش هينفع صدقينى عن أذنك
وتركها وأنصرف وهى ترمقه وتراقب حركته العصبية وهو يفتح الباب ويخرج ويغلقه خلفه مسرعا فرت دمعة من عينيها فمسحتها بسرعة وهى تقول بتصميم 
غلطان يا عمرو 
توجه عمرو مباشرة إلى مكتبه وعانق زميله أحمد بحرارة والټفت إلى زميله نادر متناسيا المشاحنة التى كانت بينهما وقال
أزيك يا بشمهندس نادر
نظر له نادر نظرة متعالية وقال
كويس
ربت أحمد على كتفه وقال بمرح 
واحشنى والله يا عمرو ووحشانى خفة دمك ايه خلاص هترجعلنا تانى ولا ايه
قال عمرو وهو يجلس خلف مكتبه بخفة 
اه ان شاء الله هرجع أرخم عليكوا تانى
ضحك أحمد وهو يضع أمامه بعض الرسومات الهندسية وبدأ فى العمل بينما كان نادر يراقبه عن كثب ويتتبعه وهو يعمل بنظرات محتقنة حاقدة 
أنهى بلال جلسته العلاجية لاحد مرضاه الذى قال مرحا 
بجد يا دكتور بلال أنت أيدك مرهم ولا حسيت بحاجة
رفع بلال رأسه إليه وقال مداعبا
أنت محسسنى انك جاى تاخد حقنة فى الصيدلية وبعدين لو محستش بحاجة تبقى الجلسة فشلت يا كابتن
ضحك كابتن علاء وهو يقول 
لا نجحت ان شاء الله بس حلو أوى حكاية التسبيح والتكبير والاستغفار اللى انت بتعملها دى يا دكتور بجد أنت ليك سبق فى الحكايه دى ده انا ما سمعت عنك وعن اللى بتعمله من زميلى فى الفريق قلت لازم أجى أجرب بنفسى وسيبت دكتور الفريق
أبتسم بلال وهو ينهض من خلف مكتبه قائلا
الكلام كله عاجبنى إلا الحتة الأخيرة ناقصلك شوية وتقولى اعملى خصم
ضحك علاء بينما نهض بلال وهو يأخذ مفاتيحه من فوق المكتب وقال 
يالا يا كابتن يدوب نلحق العصر
ساعده بلال على النهوض وهو يقول له مشجعا
لا بقولك أيه بلاش دلع أنجز علشان عاوزين الكاس السنة دى
ابتسم علاء بإجهاد وهو يتحرك معتمدا على يديى بلال وقال 
أنا معتمد على الله وعليك يا دكتور
رد بلال مبتسما وقال معلما
يا ابو الكباتن قول على الله ثم عليك
نظر له علاء مستفهما وقال 
وايه الفرق 
شرع بلال فى الشرح له وهما يتوجهان خارج المركز وقال 
يعنى لما اقول خرجت من المركز انا وعلاء يعنى خرجنا احنا الاتنين سوا زى زيك يعنى
لكن لما اقول أنت ثم أنا يعنى أنت الاول وبعدين أجى انا فى المرتبة التانية كده أحنا مش متساويين مع بعض
هز علاء رأسه بدهشة وقال 
تصدق أول
 

32  33  34 

انت في الصفحة 33 من 61 صفحات