براثن اليزيد بقلم ندى حسن
الحمل يبقى خمسة أشهر أخرى!..
أجابتها بخفوت ونظرة مرهقة وهي تعتدل على الفراش لتجلس نصف جلسة
ماليش نفس أكل يا ميار
وقفت إلى جوارها ثم قالت بهدوء وعقلانية
نظرت مروة إلى أرضية الغرفة بهدوء وقد كان الحزن يتغلب عليها في هذا الوقت وهي كعابر طريق سد بوجهه ولا يدري كيف السبيل للعودة أو التقدم..
تحدثت ميار مرة أخرى وهي تتمسك بيدها لتجعلها تقف على قدميها حتى تذهب معها
الآن لا تريد أن تقول ما حدث بينها وبين زوجها لتفعل به كل ذلك وليكون هو بكل هذا الحزن والندم..
ابتسم فاروق بخبث وهو يجلس الآن في منزل زوجته الكريمة والتي من كثرة كرمها فعلت أشياء لا تحكى ولكن قد فعل هو ما يريده وسيكمله الآن في منزلها ورغما عن أنفها ستوافق عليه..
دلفت إلى الغرفة وهي تنظر إلى الأرضية بخجل حاولت أن تجعله يظهر له حقيقي ولكنه قد فهم ما الذي تريد فعله ولن تستطيع أن تجعله يصدقها جلست على الأريكة أمامه وهي تنظر إلى الأرضية ثم رفعت رأسها ونظرت إليه قائلة بخفوت ونظرة حزينة معاتبة إياه
ابتسم هو بالمقابل بتهكم وسخرية شديدة ناظرا إليها باستنكار وهي تتصنع
البراءة
مش لايق عليكي دور المسكينة يا إيمان اطلعي منه علشان مش هتعرفي تكملي بيه لآخر القعدة
وقفت على قدميها ثم ذهبت لتجلس على الأريكة جواره محاولة السيطرة عليه بكلماتها المعسوله وحركاتها اللينة كما السابق تحدثت بضعف ورجاء قائلة
نظرت إليه بحدة ولم تجيبه فتابع هو الحديث بجدية وهو يحاول أن ينهي ما أتى لأجله
أنا جاي النهاردة علشان ارجعك للبيت من تاني بس بشروطي
تعلم أنه مهما حدث سيكون كالخاتم بإصبعها مرة أخرى هو لا يحب غيرها وكل ما يفعله الآن فقط لأنه تأثر مما حدث إذا لتوافق
مش تعرفي الشروط الأول.. أولا هتجوز تاني ولو هتقولي ليه هقولك أول سبب علشان أخلف ولا مش من حقي أنا متجوزك بقالي كتير ومفيش خلفه يبقى اتجوز تاني زي ربنا ما قال وأنت اللي عملتي كده ودقيتي أول مسمار في نعشك
وقفت أمامه سريعا تهتف بحدة وذهول غير مصدقة حديثه بكونه سيتزوج عليها ويأتي إليها بأخرى لتغير حياتها وتكون أسوأ من مروة بكثير على الأقل مروة كانت زوجة شقيق زوجها أما هذه ستكون درتها!
أخرسي أنا لسه مخلصتش.. اللي هتجوزها دي هتعيش معانا في البيت وهتقبلي بده وأنا عارف أنا بقول ايه.. ده غير إن الدهب اللي كنت بجيبه ليكي هاخده علشان ابيعه واجيب غيره للعروسه.. صحيح أنا معايا الفلوس وأقدر أعمل كتير بس الدهب ده كتير عليكي
وأنت مفكر إني هوافق على الهبل ده
نظر إليها بخبث ومكر ثم قال بجدية وهو يعتدل في جلسته
هتوافقي.. عارفة ليه علشان البلد كلها عرفت اللي عملتيه وعرفوا مين هي إيمان هتوافقي علشان أنا لو طلقتك هتبقي زي البيت الوقف بالظبط مش بتخلفي ومطلقة مين هيبص في وشك ها هتفضلي طول حياتك قاعدة هنا بكرة أخوكي يتجوز وأمك ربنا يفتكرها وأنت لوحدك... أما عندي على الأقل هتبقي مع ناس وأما أموت هتورثي فيا
وقف على قدميه متقدما إلى الخارج بعد صمت دام طويلا خلف كلماته الأخيرة هذه تحدث وهو يذهب قائلا
تمام كده وصلني ردك لما يجيلي مزاج بقى هبقى أطلق
موافقة
باغتته بهذه الكلمة وهو يرحل فقد وجدت أن حديثه صحيح لن ينظر إليها أحد بعده لن تتزوج إلى الآن لم تنجب نعم تعلم أن ليس هناك شيء يمنع ذلك
ولكن لم تنجب الجميع يعلم ما فعلته.. كلماته صحيحة ولكن مع ذلك ستريه من هي إيمان ف ليتزوج ويفعل ما يحلو له وفي جميع الأحوال ستضع لمساتها في كل شيء..
بعد مرور أسبوعين
يدور العالم من حولها حقا تشعر وكأن الأرض تدور بها تفكيرها لا يسعفها على فعل شيء
لا ترى أي ملجأ لها ما الذي فعلته بنفسها وطفلها لقد قټلته!.. قټلت طفلها! لقد حظرتها الطبيبة أكثر من مرة بل مرات وهي لا تستمع إلى أي من حديثها ولكن أيضا لم يكن بيدها لم يكن بيدها ما فعلته لقد قټلت طفلها بيدها..
خرجت الدموع من عينيها بغزارة وهي تجلس على بوابة العمارة التي يوجد بها عيادة الطبيبة أخذتها شقيقتها بأحضانها محاولة التخفيف عنها ولكن كيف
مروة حبيبتي اهدي الدكتورة قالت في فرصة أنه يكون كويس علشان خاطري متعمليش كده
انتحبت وبكت بحدة وهي تقول بضعف وقلة حيلة ملقيه اللوم على نفسها
إزاي بس إزاي هي معاها حق قالتلي كتير أهتم بيه وبصحتي وأنا اللي معرفتش أعمل كده.. هقول ليزيد ايه هقوله ايه قټلت ابنك بنفسي
ربتت على كتفها وهي تتمسك بها بشدة ثم خرجت الدموع من عينيها هي الأخرى على ما تمر به شقيقتها وتحدثت بخفوت وحزن
كل حاجه هتكون بخير لو مشينا على التعليمات بتاعة الدكتورة وأولها نفسيتك يا مروة لازم تكون كويسة ومتضغطيش على نفسك
اراحت رأسها على صدر شقيقتها ټحتضنها بينما تتذكر كلمات الطبيبة وهي تبكي وتنتحب بصوت عال..
نظرت إليها الطبيبة بضيق بعد أن انتهت من فحصها ثم تقدمت لتجلس على مكتبها وتحدثت بحدة معها
أظن يا مدام مروة قولتلك أكتر من مرة تهتمي بنفسك وتمشي على التعليمات اللي بقولهالك وكالعادة مش بتهتمي
نظرت إليها باستغراب وهي لا تفهم ما الذي تقصده بحديثها فتقدمت منها ميار تقف جوار مقعد شقيقتها تضع يدها على أكتافها تمدها بالدعم ثم سألتها بهدوء
في حاجه يا دكتورة ولا
ايه
أشارت إلى مروة وتحدثت بطريقة عملية للغاية وكأنها تقول إن كيلها فاض منها
للأسف الجنين معليهوش مايه قدامنا فرصة نحاول فيها أننا نرجعه لطبيعته ولو مقدرناش هنضطر ننزله لأن ده لو محصلش ممكن ېموت في بطنها وهنا هتكون کاړثة
صدمت!.. ماذا هل سيموت لا لا تعتقد ذلك لن يحدث كيف له أن ېموت كيف إنه ولدها الذي كانت تتحدث معه في الليل وحدها وتشكي له همها في بعدها عن والده هذا هو الذي قالت له أنها تريد أحضان والده ليس شيء آخر كيف ستفقده ماذا ستقول لزوجها أهملت في صحتها وصحة ولدها فماټ!.. نظرت إلى الطبيبة وهي لا تصدق هذا الحديث الغير منطقي بالنسبة إليها..
وجدت الطبيبة تكمل قائلة بدهشة واستنكار متسائلة
أنا بجد مش فاهمه هو أنت مالك في الحالات الطبيعية معروف أن الست الحامل وزنها بيزيد أنت إزاي خسيتي خمسة كيلو في الوقت ده دا الناس اللي بتعمل ريجيم مش هيقدروا يعملوا كده
لا تستطيع أن تتحدث أو تستمع إلى أي شيء هي فقط تستمع لهمسات الطبيبة وشقيقتها تلقي عليها تعليمات كثيرة أخذت منها أنها يجب أن تشرب سوائل كثيرة أدوية أخرى أشياء استمعت إليها ولكن لم تحلل ماهيتها..
لقد أتى هذا الخبر ليأتي بالباقي من قلبها ويجعله فتات في الأرض..
يتبع
براثن_اليزيد
الفصل_الواحد_والثلاثون
ندا_حسن
بعد الكثير من ذكريات تجسد أرواحنا عند
الفراق عدنا من جديد لنخلق ذكريات
جديدة على عقولنا وقلوبنا
دق باب الغرفة فلم تأذن للطارق بالدلوف إليها
فتح الباب ورفعت بصرها لترى من ذلك الذي لا يحترم حزنها في تلك الأوقات الصعبة ظهر هو من خلف الباب مالك قلبها المكسور كانت تبكي بصمت الآن لن يستطيع السيطرة عليها..
دلف خطوة إلى الداخل وأغلق الباب خلفه لم يتقدم أكثر من ذلك بقى مكانه خلف الباب ينظر إليها بحزن شديد اشتد عليه الآن أو منذ دقائق مضت..
منذ أن حادثته شقيقتها وهو يرى أن الحياة أصبحت سوداء سواد حالك ليس له أي درجات لقد تركته منذ ثلاث أشهر وبهم عرف حقا ما معنى العڈاب والندم عرف معنى الاشتياق والفراق وأهم شيء هو الفقدان!.. ثلاث أشهر وهو داخله أمل عودة زوجته إليه بواسطه طفله القادم!..
كل يوم كان يقول مؤكد لن تجعل ابنها بدون والد مؤكد ستعود لتكون عائلة من جديد مؤكد سيرى طفله في بيته هو وليس بيت أحد آخر.. كل أحلامه بنيت عليه هو ووالدته كيف سيتركه الآن..
يعلم أن رحمة ربه وسعت كل شيء والله لن يخذله وسيكون ابنه على ما يرام سيكون بخير لأجله وأجلها..
النظرة بعينيها تفتن حقا عندما رآها لأول مرة فتن بجمالها وجمال عينيها وذهبت دون أن يعلم من هي والآن تبكي خوفا من فقدان طفلهم!..
اشتياقه لها مزقه وجعله لا يدري ما الذي سيفعله أكثر مما فعله.. لدرجة أنه فكر في جعلها تعود عنوة ولكن عندما علم بما حدث من شقيقتها وقع قلبه بين قدميه خوفا عليها وعلى ابنه خوفا أن يتملكها الحزن إلى أن يأخذ
روحها فهي قد حزنت بسببه كثيرا..
رأته يقف خلف باب غرفتها إنه في الغرفة معها! والدها يجلس في الخارج وشقيقتها هم من أخبروه وجعلوه يأتي إلى هنا!..
لم تتوقف عن البكاء منذ أن أتت والآن قد ازداد عندما رأته يقف أمامها ستفقد ابنه! قطعه من روحها وروحه الشيء
الجميل المتبقي لها منه منذ فراقهم كيف السبيل للنجاة الآن..
بعيدا عن كل شيء هي لا تريد إلا عناق طويل من زوجها!..
بقى يزيد هكذا لمدة دقيقتين ينظر إليها بحزن وانكسار وهي تبادله نظرات الحزن والضعف لم يستطيع أن يبقى أكثر من هذا وهو مكتف الأيدي وجد نفسه يتقدم سريعا إليها ليجلس أمامها على الفراش ملبي طلبها وأخذها بين ذراعيه في عناق طويل..
قابلته تبكي وتنتحب بصوت عال وضعف غريب تسلل إليها شدد يزيد هو الآخر على على خصلات شعرها الذهبية وهو يحاول أن يجعلها تهدأ..
بقيت مروة هكذا ما يقارب العشر دقائق تبكي بشدة ولا تفعل شيء غير أنها تبكي وتشدد على احتضانه وكأنها تقول له لا تبتعد بعد اليوم وهو فعل كل ما تريده لم يتحدث فقط يبادلها العناق تاركا لها المساحة في أن تبكي وتخرج كل ما يكنه قلبها..
أبتعدت عنه بهدوء وهي تجفف دموع عينيها فرفع يده الاثنين واضعا إياهم على وجنتيها يحرك إبهامه أسفل عينيها ليمحي أثار تلك الدموع الغالية على قلبه..
نظرت إليه بحب وضعف وقد شعرت أن كل شيء ينهار من حولهم ولا يوجد قرار للرجوع عنه رفعت يدها ووضعتها فوق يده تشدد عليها قائلة پانكسار والدموع تتكون من جديد داخل جفنيها
متسبنيش يا يزيد أنا محتاجالك
أسند جبهته