المطارد بقلم امل النصر
طول عمرك خط مستقيم زي السيف وكلام العشق والحب بتاع البنات بتعتبريه تفاهة وخفة عقل
هتفت بتعب
وانت مين قالك بس اني بحبه
امال تسمي الحالة اللي انت فيها والتوهان دا إيه
انفتح ثغرها وانغلق لعدة مرات تفكر بجملة مفيدة ترد بها على صديقتها ثم مالبثت ان تقول بيأس
مش عارفة والله ماعارفة بس انا تعبت ومش لاقية أي إجابة للسؤال ايه بيربطني مع البني أدم ده ويخليني دايما كدة بفكر فيه مش عارفة بجد مش عارفة
خلاص طيب هدي نفسك وماتزعليش واكيد مع الوقت هاتلاقي تفسير للي محيرك ده
تنهدت بالم ناظرة للأعلى
ياريت ياصفاء انا طول الوقت بدعي لربنا عشان ارتاح وارجع لحياتي الطبيعية بقى التفكير دا شئ صعب قوي بيستهلك طاقتك ويعيشك في دوامة خصوصا مع حاجة غريبة زي دي
بقولك إيه انا تعبت وعايزة اروح كدة كدة التركيز ضايع مني وشكله كدة مافيش أمل لرجوعه النهاردة هاخدها من قاصرها واستأذن بقى وامشي أحسن
طب استنيني هنا من غير ماتشتغلي على ما اخلص ونروح مع بعض بدل ماتمشي لوحدك
متزعليش مني ياصفاء بس انا مش هاقدر استنى عشان بصراحة حاسة بقلق وعدم راحة وعندي رغبة قوية اني اروح
أومات لها صفاء باستسلام
خلاص روحي
وفي مكان اخر خارج المدرسة الثانوية الفنية خرجت ندى وقت الأستراحة اليومي تذهب إلى آحدى المكتبات لتبتاع منها ادوات فنية تلزمها في الدراسة وفي طريق عودتها لمتابعة يومها الدراسي انتبهت على نداء خاڤت لأحد الأشخاص بإسمها وحينما الټفت توسعت عيناها بالذهول وهي ترى نفس الشخص الذي تتبعها منذ يومين حتى بلدتها وتقدم لخطبتها!
نعم حضرتك انت بتندهلي ليه
بدأ حديثه معتذرا
انا اسف ان كنت ازعجتك بس انا بصراحة كان لازم اكلمك
تكلمني في إيه بالظبط مش فاهمة
سالته بتوجس رغم شعور الفرحة الذي انتابها برؤيته وحديثه لها نظر هو يمينا ويسارا حولهم قبل ان يجيبها بسؤال
احتدت عيناها نحوه فا
أكمل هو
اظن انت عارفة اني غرضي شريف بأمارة اني اتقدمتلك دوغري من قبل ما اكلمك حتى وأهلك رفضوني
انتبهت على تلميحه
من تشديده في النطق بالكلمة الاخيرة فقالت
ايوة صح كلامك بس انا لايمكن اطلع مع حد غريب حتى لو كان غرضه شريف انا اساسا ما بطلعش في اي حتة هنا خارج المدرسة
اردف يها ثم تابع
ودا اللي شجعني امشي وراكي عشان اعرف عنوان بلدكم واطلب ايدك اظن انت عارفة اني ساكن هنا في اخر الشارع لأني على طول بقف في بلكونتي اللي هناك دي وبشوفك وانت معدية تحت بيتنا في الرايحة والجاية لمدرستك بيتهيألي انك خدت بالك مني
نظرت نحو مايشير اليه بيدها لتفهم مقصده فاهتزت كتفاها بتصنع عدم الفهم
لا بصراحة ماخدتش بالي بس انت تقصد إيه بكلامك ده
اقصد انك عجبتيني وانا دخلت الباب من بابه واهلك رفضوا ممكن اعرف ايه السبب عشان لو فيا عيب اصلحه
صمتت قليلا مندهشة من جراته في فتح حديث معها كهذا وعلى قارعة الطريق فخرجت إجابتها خاڤتة بخجل
بصراحة هو الرفض مكانش عشان عيب فيك لا سمح الله لا دا عشان اكمل تعليمي وكمان عشان ماتخطهاش اختي الكبيرة يعني
هي الأسباب تبدوا منطقية لكن ونفسي اعرف رأيك انت
بهت وجهها ونظرت اليه بحيرة تسأله
وانت مالك برأيي مدام اهلي رفضوا الجواز من أساسه
أجابها بتصميم
عشان انا مش متقبل الرفض ده ونفسي احاول من تاني وعشان احاول لازم اعرف رأيك ومكررش غلطتي الأولى ها قولتي إيه
الفصل ١٠
فور أن عادت يمنى لمنزلهم عيناها أتت على الغرفة المعروفة على الفور ولكنها لم تجرؤ على الدلوف اليه وتوجهت مباشرة الى داخل المنزل تهتف باسم والدتها التي ردت عليها من داخل المطبح
تعالي يايمنى انا هنا يابنتي
وصلت اليها تلقي التحية وتشاكسها كالعادة
مساء الفل على احلى ست الكل عاملة آيه ياست ابوها
رفعت نجية حاجبيها بدهشة مشوبة بالسعادة بعد أن ذكرتها ابنتها بالأسم المحبب على قلبها وهي تقلب في الإناء الموضوع أمامها على الموقد فقالت
وه وه يايمنى دا انت باين الغزالة رايقة معاكي مدام جاية تفكريني باسم الدلع اللي كان يناديني بيه ابويا
تبسمت يمنى بتصنع كما مازحتها بتصنع كي تداري ما تشعر به من قلق وسألتها
بتحبي انت قوي الأسم ده ياما
ومين ماتحبش دلع ابوها يابتي بس اه الله يرحمك يابوي ويبش بش الطوبة اللي تحت راسك
قالت نجية بتأثر واضح على ملامح وجهها الشاردة قبل إن تستفيق عائدة لابنتها تسألها
هو انت إيه اللي رجعك بدري النهاردة كدة مش عوايدك يعني
ارتبكت قليلا قبل أن تتماسك في الرد
ولا حاجة اصل الحركة كانت خفيفة في الوحدة فقولت اروح احسن
خفيفة كيف والنهاردة التلات يوم تطعيم الأطفال في الوحدة
سألتها بتشكك زاد من توترها وجعلها تتلعثم قليلا قبل ان تخرج جملة مفيدة
ااا ياما انا كنت مصدعة وماكنش فيا دماغ لتطعيم اطفال ولا ۏجع قلب
طب وما تقولي انك مصدعة من الأول هو انا كنت هاحاسبك يعني
توقفت قليلا صامتة بعد أن أحرجتها والدتها بكلماتها وخرج صوتها اخيرا بخجل
اهو اللي حصل بقى اتلخبطت
قالت نجية بمغزى
سلامتك من الصداع واللخبطة يايمنى ربنا يصلح حالك
شددت على كلماتها الاخيرة وهى تنظر لابنتها التي ادعت عدم الفهم وسألتها
أبويا واخويا محمد يعني مش شايفاهم هما راحوا فين
ابوكي واخوكي شغالين في الجنينة جوا بيعزقوا في حوض الخضار
اومأت برأسها وهي ترتد للخلف لتخرج تكبح السؤال الملح عنه بصعوبة ولكنها أجفلت على هتاف والدتها فور ان استدارت
صح يايمنى اما اقولك الجدع اللي جوا ده مارديش يفطر النهاردة وكان مصر ياخد العلاج على بطن فاضية بس انا مارديتش اتبعه في جنانه
الټفت اليها تسألها بقلق
كيف يعني على بطن فاضية هو عايز يضر نفسه ولا إيه
والله ما انا عارفة يابنتي إيه اللي جراله وخلاه مقلوبكدة دا الكلمة بيطلعها بالعافية باين يونس شد عليه بكلام واعر ماتحملوش
ردت يمنى على كلماتها بجزع
عمي يونس كان عنده جوا ودا ايه اللي دخلوا أساسا
ارتفعت كتفاها وانخفضت بقلة حيلة
والله ما اعرف يابتي أهو فجأة كدة لقيته داخل على اؤضته يفتحها ويدخل عنده من غير استئذان
وبداخل الغرفة وامام النافذة الخشبية المفتوحة على مصراعيها من وقت ان فتحها يونس قبل أن يوقظه ويتحدث معه لقد استطاع للمرة الثانية ان يتحامل على قدميه والام رأسه حتى يصل اليها ويجلس أمامها يتنفس الهواء النقي من الخضرة والأشجار المزروعة بهذه الحديقة المتواضعة بمساحتها الصغيرة وانواع الخضروات واشجار الفاكهة محدقا بسالم وابنه محمد الصغير وهم يعملون في الأرض بكل جد ونشاط ابتسم من قلبه وهو يرى محمد المشاكس الصغير وهو يقلد أبيه في كل خطوة يقوم بها حتى في وقفته والأفعال الصغيرة له مااروعه من مشهد قد لا يشعر به سالم في ظل انغماسه طوال الوقت في الكد في العمل ومشاغل الحياة هو نفسه لو مر أمامه هذا المشهد منذ سنوات أمامه لم يكن يراه بهذا الجمال بل لم يكن يراه من الأساس مع هذا الثراء الفاحش والحياة المرفهة التي كان يعيشها فنحن لا نشعر بقيمة الأشياء والمعنى الحقيقي للحياة
سوى عندما نتعرض للضغط الشديد أوالقسوة من الأشخاص
انتبه على طرق خفيف على باب فعلم من الطارق هتف عليها لتدخل وحينما دلفت بطلتها التي تثير بقلبه الراحة والسعادة رفرف قلبه بين اضلعه مع رؤيته لنسمات الهواء التي ضړبت وجهها وطيرت طرف حاجبها ساحرة فلم ينتبه لما تقوله حتى كررت بصوت اعلى
بقولك عامل ايه النهاردة مابترودش ليه
اجفل من شرده ليعود لواقعه ثم اشاح بوجهه نحو النافذة مرددا بصوت خاڤت
الحمد لله كويس متشكر
انتبهت يمنى على نبرته الحزينة والخالية من العبث كعادته في الحديث معها فقالت
امي قالتلي انك مارديتش تفطر وكنت عايز تشرب علاجك على معدة خالية ودا مضر
ظل صامتا ولم يرد اردفت هي
هو عمي يونس قالك إيه بالظبط وخلاك تزعل بالشكل ده معلش هو عصبي شوية وكلامه كمان شديد زيه
عمك معاه حق يايمنى
اجفلتها كلماته ونظرت اليه باستفسار وعدم فهم فتابع
عمك راجل بيدافع عن ابوكي وبناته بدافع الأخوة المشكلة فيا انا وفي المصېبة اللي وقعت فيها وبعدها جرت كل البلاوي اللي وقعت فوق راسي وكله كان بسبب غبائي
قطبت بحيرة تسأله
غباء ايه ده اللي يوقعك في المصاېب والبلاوي
أطرق برأسه لحظات قبل أن يجيبها
ممكن يايمنى تكلمي عمي سالم وتقوليه اني عايزه في موضوع ضروري
اومات له بالإيجاب وقالت
تمام هاقوله بس انت لازم تاكل دلوقت عشان علاجك ماينفعش يتأخر أكتر من كدة
حدق بها صامتا لبعض اللحظات قبل أن يسألها
هو انت ايه اللي رجعك بدري النهاردة مش برضوا ميعادك على ٣ العصر
اذهلها تركيزه
الشديد بمواعيد عملها ودراستها خجلت من سؤاله فقالت وهي تشغل نفسها في النظر على بعض عبوات الدواء التي وجدتها على الطاولة القريبة امامها كي تفحصها ثم ترتيبها ورفع المنتهية منها
عادي يعني حسيت بشوية صداع في دماغي فاستأذنت ومشيت
لو قولتلك ان دخلتلك عليا دلوقت كانت من ساعة تقريبا امنية في قلبي واتحققت في وقتها هاتصدقي
تركت مابيدها والټفت اليه مستفسرة
يعني ايه
أجاب وعيناه تأسر خاصتيها
يعني يايمنى انا لما اتخنقت قوي اتمنيت اشوفك في اللحظة نفسها عشان برؤيتك بحس بأمان كبير وهم بنسى حمله على كتفي هل دا بقى طبيعي
صمتت وتركت مابيدها كي تستأذن للخروج من أمامه على الفور حتى اذا وصلت الى غرفتها شهقت بصوت عالي بفزع تجيب لنفسها عن أسئلته بما لا تجرؤ على البوح به امامه انه يسألها وكأنه ليس على علم كيف يسألها وهي تحلم برؤيته وتشعر بألمه من قبل أن تراه كيف يسألها وقد امتلأت كراستها برسم عيناه التي طاردتها في منامها وصحوها قبل رؤيتها على الحقيقة كيف يسألها وهي قد انقبض صدرها وتشتت ذهنها في نفس اللحظة التي اخبرها فيها عن شعوره بالإختناق وهذا برغم بعد المسافات بينهم اذا فالأحق لها هي أن تسأله وتسأل نفسها أيضا
هل هذا طبيعي وماالرابط الذي يربط بينهم ليحدث
وفي الحديقة الصغيرة وبعد أن انتهى سالم من العمل في حوض الخضرة واطلق المياة على الباقي كي ترويهم جلس أسفل الشجرة