چوري قدري بقلم مريم محمد
تتذكر كيف تقضي النصف الاخير من الشهر فقد تكتفي بوجبة واحدة فقط و ربما كوبان من الشاي طوال اليوم كانت هاله تشعر بالرضا و لا تحزن لأنها لا تملك ملابس او هواتف محمولة مثل باقي زميلاتها بل كانت تتميز بين زميلائها بشخصيتها القوية و أخلاقها الراقية و كان لها الكثير من الأصدقاء خاصة أنها متفوقة و كل عام تكون من الخمس الاوائل على دفعتها كانت هاله دائما تنتظر اليوم الذي تنهي فيه دراستها و يتم تعيينها كمعيدة في الكلية و تدخل السعادة على قلب والدتها الغالية فكرت هاله
أنهت هاله محاضراتها و اتجهت الى باب المبنى لتخرج منه فاستوقفها صوت شريف زميلها الذي يكن لها أعجابا لا يستطيع اخفاءه بالرغم من محاولته
هاله وهي تحاول انهاء المحادثه سريعا ازيك يا شريف معلش اصلي مسافره البلد انهارده و عايزه الحق القطر عن اذنك
شريف تحب أوصلك المحطة بعربيتي
هاله بملل شريف بقالنا تلات سنين وآدي الرابعة بقولك شكرا مبركبش عربيات مع حد
شريف بس احنا زمايل في كلية واحده
هاله معلش يا شريف وعن أذنك بقى
هاني اييييييييييييييه يا بني روحت فين
شريف هتجنني يا هاني
هاني انا مش عارف عاجبك فيها ايه هي أي نعم حلوه بس بلدي أوي و مش ستايلك خالص
شريف اسكت بقى متتكلمش عنها كده
هاني يا بني ده انت كل البنات ھتموت عليك انت ناسي انت ابن مين
شريف لا طبعا مش ناسي بس أنا بحبها بجد
شريف يعني مش هتحبني أبدا
هاني معتقدش ويلا بقى يا معلم ده انهارده ليلة الخميس هنسهر للصبح
شريف يلا بينا هنروح فين انهارده
هاني انا بقول نروح سوليتير سمعت ان خالد سليم هيغني هناك
شريف طيب يلا نروح نتغدى ونغير و ننزل
و صلت هاله محطة القطار وجلست تنتظر وصول القطار و عندما وصل تدافع الناس للدخول الى عربة الدرجة الثالثة صعدت هاله و جلست بجوار سيدة مسنه ذكرتها بوالدتها و ظلت هاله طوال الطريق تفكر في مستقبلها و كيف أنها تريد تعويض والدنها عن كل ما عانته في سبيل تربيتها و تعليمها
طرقت هاله الباب لكن الباب لم يفتح . أين أنت يا أمي هل أنت نائمة أم خرجتي لشراء بعض الأغراض ذهبت هاله لتطرق باب جارتها السيدة فاطمة لتسألها عن والدتها
فاطمة بحزن حمدلله على سلامتك يا ضنايا
هاله پخوف هي ماما فين
فاطمة اطمني يا بنتي مامتك بخير بس هي بعافية شوية و ديناها المستشفى العمومي من يومين
لم تكمل هاله حديثها مع السيدة فاطمة بل ركضت مسرعة متوجهه الى المستشفى لترى والدتها وصلت هاله الى المستشفى العام الوحيدة الموجوده في قريتها البسيطة و سألت عن والدتها و وجدت أنها موجودة في الدور الأول الخاص بأمراض الكلى صعدت هاله الدرج وهي مازالت تلهث من أثر الركض الطويل و وصلت الى الغرفة لتجد أن بها عددا كبيرا من الأسرة المليئة بالمرضى و ظلت تبحث بين الوجوه حتى رأت وجها رقيقا نائما و عليه علامات الألم الشديد أقتربت هاله من والدتها و قبلت رأسها برفق وقالت بصوت خاڤت
هاله ماما أنا جيت يا حبيبتي
الأم تفتح عينيها ببطء لتنظر الى وجه طفلتها الغالية هاله .. حمدلله على سلامتك يا حبيبتي .. وصلتي امتى
هاله والدموع تتساقط من عينيها لسه واصله وجيتلك جري
الأم متعيطيش يا حبيبتي أنا كويسة
هاله و هي لا تستطع التوقف عن البكاء حاسه بإية
الأم شوية ۏجع في جنبي
هاله الدكتور قالك ايه
الأم قالي لازم أعمل غسيل كلى
هاله احست بالړعب فمن أين ستأتي بالمال اللازم لعلاج والدتها
هاله مطمئنة والدتها متقلقيش يا ماما ان شاء الله هتخفي وترجعي بيتك
الأم مش باين يا هاله
هاله اوعي تقولي كده تاني انتي هتعيشي لغاية ما تشيلي عيالي مش دايما بتدعي ربنا بكده
الأم كان نفسي يا حبيبتي أفرح بيكي
هاله ان شاء الله هتكوني كويسة
الأم و الألم يزداد عليها المهم خلي بالك انت من نفسك
هاله و انتي كمان
ارتمت هاله في أحضان والدتها و بكت . بكت خوفا من أن تفقدها كما فقدت والدها من قبل . خوفا من أن تعيش وحيدة في هذه الحياة القاسېة.
جاءها صوت الطبيب من خلفها
الطبيب أزيك انهارده يا حاجه
الأم بخير يا ابني الحمد لله
الطبيب طيب يلا عشان
معاد المسكن
الأم حاضر
هاله هي حالتها ايه يادكتور
الطبيب انتي بنتها مش